28.8 C
Port Sudan
HomeUncategorizedما وراء تحرير الخرطوم .. زيارة البرهان إلى السعودية

ما وراء تحرير الخرطوم .. زيارة البرهان إلى السعودية

تقرير : فريق المرصد السوداني

تتجاوز زيارة السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي لكل من المملكة العربية السعودية وجمهورية تركيا، عقب إعلان تحرير العاصمة الخرطوم، مجرد البروتوكولات الدبلوماسية المعتادة. إنها محطة بالغة الأهمية تحمل في طياتها رسائل استراتيجية وتداعيات مباشرة على مستقبل الصراع في السودان، وخاصةً على مليشيا الدعم السريع. يمكن تحليل أهداف هذه الجولة في عدة محاور استراتيجية مترابطة:

أولًا: تعزيز الشرعية الدولية وعزل المتمردين:

بعد أشهر من القتال المرير، تسعى القيادة السودانية، من خلال هذه الجولة، إلى ترسيخ شرعيتها على الساحة الدولية وتأكيد سيادتها على كامل الأراضي السودانية، بما فيها العاصمة. فالمملكة العربية السعودية، بثقلها الإقليمي والدولي، كانت من أوائل الدول التي أعلنت رفضها لأي تحركات غير شرعية خارج إطار المؤسسات الرسمية السودانية، بما في ذلك تشكيل حكومة موازية من قبل الدعم السريع. هذه الزيارة تمثل استمرارًا لهذا الموقف الداعم وتعزيزًا له، مما يضعف من قدرة الدعم السريع على الحصول على أي اعتراف دولي أو إقليمي بشرعيتها. وبالمثل، فإن زيارة تركيا تعكس اهتمام القيادة التركية بالعلاقات مع السودان واحترامها لخيارات الشعب السوداني ودعم حكومة الفترة الانتقالية، مما يعزز من موقف الحكومة الشرعية.

ثانيًا: قطع خطوط الدعم المحتملة:

تُعد المملكة العربية السعودية وتركيا من الدول المؤثرة في المنطقة، ولهما علاقات واسعة. من خلال تعزيز العلاقات معهما، تسعى الحكومة السودانية إلى قطع أي خطوط دعم محتملة قد تتلقاها مليشيا الدعم السريع من أطراف إقليمية أو دولية. إن تأكيد هاتين الدولتين على دعمهما للحكومة الشرعية يمثل رسالة قوية لأي جهة تفكر في تقديم الدعم للمتمردين، سواء كان ذلك دعمًا ماديًا أو لوجستيًا.

ثالثًا: حشد الدعم لإعادة الإعمار والمرحلة الانتقالية:

لا شك أن الخرطوم، وبقية المناطق المتضررة من النزاع، تحتاج إلى جهود ضخمة لإعادة الإعمار والتأهيل. زيارة السعودية وتركيا تهدف أيضًا إلى حشد الدعم المالي والاقتصادي للمرحلة القادمة، مما يعزز من قدرة الحكومة على بسط سيطرتها وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين في المناطق التي تم تحريرها. هذا بدوره يقوض من قدرة الدعم السريع على استغلال الأوضاع الإنسانية لكسب تأييد محلي. كما أن الحصول على التمويل والاستثمارات سيساعد الحكومة على استعادة الاستقرار الاقتصادي.

رابعًا: الاستفادة من ديناميكيات القوة والتحالفات الإقليمية:

تتجاوز الزيارة مجرد طلب الدعم؛ بل تسعى لترسيخ دور المملكة العربية السعودية كشريك رئيسي في حل الأزمة السودانية، بالنظر إلى علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية. كما تعزز العلاقة مع تركيا التي تسعى لتوسيع نفوذها في أفريقيا وتهتم باستقرار السودان كجزء من أمن البحر الأحمر.

خامسًا: التأثير النفسي والمعنوي:

على الصعيد النفسي والمعنوي، تبعث هذه الزيارات برسالة قوية للشعب السوداني بأن القيادة السودانية تحظى بدعم إقليمي ودولي كبير، وأن المجتمع الدولي يقف معها في سعيها لإنهاء التمرد وتحقيق الاستقرار. هذا بدوره يؤدي إلى إضعاف الروح المعنوية لمليشيا الدعم السريع وقياداتهم، ويزيد من الضغط الداخلي عليهم للعودة إلى رشدهم والتفاوض على شروط الاستستلام.

سادسًا: عزل قوات الدعم السريع دوليًا وإقليميًا:

من خلال الحصول على دعم صريح من دول مؤثرة كالسعودية وتركيا، تسعى القيادة السودانية إلى تضييق الخناق على قوات الدعم السريع دوليًا وإقليميًا، والحد من قدرتها على الحصول على أي دعم خارجي يمكن أن يطيل أمد الصراع.

سابعًا: تعزيز دور الحكومة الانتقالية:

تساهم هذه الجولة في تعزيز صورة الحكومة الانتقالية ورئيس مجلس السيادة كزعيم شرعي وقادر على قيادة البلاد نحو الاستقرار والسلام، مما يقوض أي محاولات من قبل مليشيا الدعم السريع لتشكيل كيانات موازية أو الحصول على اعتراف دولي.

في الختام، يمكن القول إن جولة رئيس مجلس السيادة إلى السعودية وتركيا ليست مجرد محطتين دبلوماسيتين عابرتين، بل هي خطوات استراتيجية مدروسة تهدف إلى تعزيز موقف الحكومة السودانية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وعزل مليشيا الدعم السريع، وحشد الدعم للمرحلة القادمة، بالإضافة إلى الاستفادة من التحالفات الإقليمية وتأمين الدعم الاقتصادي، مما يمثل ضربة قوية للمتمردين ويقرب من تحقيق السلام والاستقرار في كل ربوع السودان.

مواضيع تهمك
مواضيع ذات صلة